مات أَبي
قُلتُ لِما بقيَ منِّي : الأَسرابُ الثقيلةُ لا
تطير
فــــ مع أَيَّـةِ قافلةٍ وصلتْ هذهِ الأَرضُ ؟
وكيف اعتلاني- على البعدِ – نعشٌ ..
وأَنا مُجرَّدُ نقطةٍ ميِّـتةٍ فوقَ حفنةٍ من فراغ
؟
الوزنُ كذبةٌ في المداراتِ ..
والبقاءُ خديعةُ التربةِ الراحلة !
لم يكنْ لي في المكانِ وقتٌ ..
لكي آخذَ حصَّتي من التيهِ أَو الانتماء
وليس لي في الزمانِ بلادٌ ..
لكي أَمتطي ساقيةً تُـمرِّغُ وجهَ الدقائقِ بالوحلِ
والدوار
طاولةُ الزهرِ .. شجرةٌ يتيمةٌ كــــ لُعبتنا الأَخيرةِ
كم كانت تتسلَّى بضحكتِنا الحجارةُ !
وكم كانتْ تغارُ منها جُدرانُ البيوت !
المسافةُ .. كومةٌ جائعةٌ من الوداعاتِ والأُمنياتِ
العالقة
فاتركني يتيمًا على حافَّةِ القبرِ ..
أُقيمُكَ حُجَّةً على فلسفةِ البُعدِ
وأَراكَ بصمتٍ رغمَ أَنفِ التراب
الضياعُ .. نورسٌ لم يَعثر على البحرِ ..
فأَنفقَ أَجنحتَهُ فوقَ مساراتِ النعوش
هكذا .. نسيتُ عَينيَّ على نافذةِ الطائرة
وقد كانتا تُسابقانِ غيمتيْنِ إِلى تُربتك
الغرقُ .. وجهي الذي نسيتُهُ بينَ كفَّـيْـكَ يومَ
أَوصيتَني بِأُمِّي
كم كنتُ أَخافُ عليكَ حينَ تسأَلُ !
وكم كنتُ أَخافُ منكَ ..
حينَ أَقولُ - كاذبًا - إِنَّني بخير !
الكفرُ .. أَرضٌ كَفَّنها في غيابِكَ الثلجُ ..
ولم تُكرِمْها بالدَّفنِ المداراتُ
فاخرجْ طاهرًا من جُـثَّـةِ الكونِ ..
خُروجَ المعاني من قيدِ الحروف
واخرجْ مُبعدًا من لوثةِ الجُرحِ ..
خروجَ الروحِ من بؤْسِ الأَنين
الضلالُ .. طريقٌ أُفقيٌّ لا يُدركُ أَسرارَ الصعودِ
فاكتملْ وحدَكَ في تقاليدِ التسامي
ولا تنتظرني في طريقِكَ الأَبيضِ إِلى الله
أَنا النُّـقصانُ ، أَتآكلُ مع الوقتِ كجدارٍ حزين
أُدرِّبُ الفراغَ على فنونِ الانكماشِ لأَنَّـني صَغُرتُ
أُخبِّـئُـني فيكَ وعدًا على شجرةِ البرتقال
لم أَعد أَحتاجُ بئرًا خلفَ نافذتي ..
لكي أَرى وجهي غارقًا بين أَغصانِ اللَّيمونةِ المُتعَبة
ولم أَعد مُلزمًا بما بقيَ منِّي
فليكنْ هذا الرثاءُ رثائي
ولتكن هذهِ الأَرضُ الثقيلةُ سربًا طويلًا
من قبورٍ طائرة !