9.5.13

صباح الخير - 2


صباح الخير (2)


سوفَ أَتجاهلُ هذا اليومَ حين أَكتبُ مذكراتي !
لأَنَّـني لم أَفهم ما قالت المرآةُ هذا الصباح . .
لذلك الجدار الذي يقفُ خلفي كلما نظرتُ إِليها !

لا أَذكرُ من الحلمِ إِلا صحوتي ويداي فارغتان . .
من ادِّعاءاتِ العـرَّافةِ التي تنـبَّـأَتْ يومًا
بأَنَّ العصافيرَ ستقتاتُ على عروقي
إِذا لم أَعترفْ بحـقِّـها في غزو البساتين
 
حتى رأسي الذي يُـقاسمني السريرَ كلَّ ليلةٍ . .
سمعتُهُ اليومَ يُـفاوضُ شتلةَ النعناعِ على شرفتي . .
لكي يَظلَّ على قيدِ شيءٍ جميلٍ . . كالحياةِ مثلًا !

نادلُ المقهى الذي يُـذكِّرني باسمي  
لم يكن بانتظاري ، فنسيتُ أَنَّـني أَشربُ القهوةَ مُـرَّةً
لكي أَتذكَّر معلمَ البيولوجيا . !

قُلتُ لليوم : أَحدُنا أُفرغَ من مُحتواهُ
واسـتُـخدِمَ وصلةً بين يومين !
أَشعرُ أَنَّ شيئًا ما قد دسَّني بين أَوراقِ التقويمِ
لكي أُهـيِّـئَ الطريقَ لإِغفاءةٍ كونـيَّـةٍ قصيرة
وربَّما . . أَكونُ قد سقطتُ سهوًا من سيارةِ نقلِ الموتى
فوقعتْ عينايَ على هذا الفراغ
ظـنـنـتُـهُ قبرًا واسعًا . . وأَسكرني الانتصار
 
كان من الممكنِ أَن يـتَّـصِلَ أُمسُ بـغـدٍ
دونَ أَن يكونَ بينهما هذا التجويفُ المُمِلُّ
الشوارعُ تَـقـتـني شُرودي . . وأَشياءَ كثيرةً
عُمَّالُ النظافةِ لم يَـعملوا هذا الصباح
فكثيرٌ من الخطواتِ لا تزالُ ملقاةً على الأَرصفةِ
يُحـرِّكها الهواءُ تارةً . . والهوى تارةً أُخرى 

يبدو أَنَّ هذا اليومَ وثيقةٌ زمنيةٌ عاطلةٌ عن العمل
لم أَجد في المقهى صـبـيَّـةً رائقةَ الجمالِ
تُداعبُ خصلاتِ شعرِها وهي تقرأُ رسائلَ الحبيبِ
أَو تُـقلِّبُ – بعصبيةٍ - جريدةً سخيفةً في انتظاره

يومٌ باهتٌ
كأَنَّـهُ تراكمٌ غيرُ شرعيٍّ لمجموعةٍ من دقائقِ الصمتِ
التي يقفُها الوقتُ عادةً أَمامي
حين أَذهبُ وحيدًا إِلى المقهى وأَعودُ منه وحيدًا
لأَجِدَ المرآةَ تحتفظُ بصورتي
والجدار يحتفظُ بمكانِـهِ خلفي
وهما . . يتهامسان !
========================

رابط النص في ملتقى الأدباء والمبدعين العرب
http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?117341-%D5%C8%C7%CD-%C7%E1%CE%ED%D1-(2)



صباح الخير - 1


صباح الخير (1)


لهذهِ الغرفةِ مذاقٌ . . يُشبِهُ الأَواني الفارغة !
والقلقَ الذي يُحيطُ بمواعيدِ القطارات
يُشبِهُ تساؤُلاتِ الجنودِ عن برامجِ القتلِ هذا الصباح
وطرق الوقايةِ من الملل !

الكنبُ يبدو جميلًا . . هنا
شرط أَن تتناسى أَنَّه مُجرَّدُ اسفنجةٍ مضغوطةٍ . .
على هيكلٍ عظميٍّ لشجرة
وأَن لا يُراوِدُكَ في الليل هاجسٌ أَنَّ القماشَ فوقَه
ليس سوى كفن مُلوَّن

قنوات الأَخبار ، مُذيعاتٌ جميلاتٌ . . وموتى ! 
وأَنتَ تُوزِّعُ نظراتِكَ على . .
مساحيقِ التجميلِ . . وسيَّاراتِ الإِسعاف
يبدو الوطنُ كبيرًا حين تَراهُ عن بُعدٍ  
وهذا الطفلُ الذي أَنهى واجباتِهِ المدرسيَّةَ قبلَ النومِ . .
لكي يموتَ صباحًا مرتاحَ الضميرِ . . كبيرٌ أَيضًا

كَجزءٍ مُكوِّنٍ من غُبارِ المكانِ . .
تَطرُدُكَ الغرفةُ بينَ حينٍ وحين . .
لستَ ثابتًا كهذا السقفِ الذي يُقزِّمُك
ولا واقفًا كالجدرانِ التي تُعامِلُكَ كقطٍّ أَليف

يُشبهُكَ ذلكَ اللاشيءُ الذي لا تراه
وتلكَ الغَصَّةُ التي تقتسمُ مع نظراتِ الحبيبةِ نافذةً واحدة  
تُشبِهُكَ حيرةُ التلاميذِ الصغارِ ليلةَ الامتحان
ويشبهك - إلى درجة النسيان – . .
عتبُ العمرِ على الأُمنيات !
======================


رابط النص في ملتقى الأدباء والمبدعين العرب 
 http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?116848-%D5%C8%C7%CD-%C7%E1%CE%ED%D1    

رابط النص في ملتقى الفينيق 
http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=42630