1.5.13

للجدار أيضا أغنية


للجدارِ أَيضًا . . أُغنية


وَحدَهُ الجدارُ . . يَعرفنا  
لا تَخدعُهُ أَطوالُنا . . وأَقوالُنا
يَذكرُ كيفَ كانتْ . . !   

تُحِبُّه السقوفُ . . والأَسرار  
يَنامُ بيننا وبين الكونِ . .
يُشبهُ أُمي . . !
فَجانبٌ منهُ لنا ، والآخرُ للصقيع

وَيُشبِهُ الوطن . . !
فَمَرَّةً ، تُدْمِعُهُ أَنفاسُنا  
وَمَرَّةً ، يكونُ عُنوانًا . . فقط !

قَبلَ بُلوغِ سِنِّ الهزيمةِ  
كانَ ثوبُ الأُمِّ ضرورةً للوقوفِ
والجِدارُ ضَرورة للمشي

بَعدَ انضباطِنا بِقواعِدِ الإِعرابِ ، قُلنا :
الجِدارُ عائِقٌ للمشي
لا داعي للوقوف . . !

الحلمُ اختراقٌ للمحيط
الريحُ بُطولةٌ تتنازلُ عن أَوسمتها . . للأَشرعة
الحلمُ والريحُ يَستجديان الجدار !

الصمتُ . . حقيقةٌ تَسخَرُ مِنَ النفي والإِثبات
لحنٌ لمْ تَعثرْ عليْهِ المعاجِمُ 
آهةُ الأَرضِ حين تَجْرحُها البذورُ
وحينَ تَنكَأُ الثمارُ ذاتَ الجروح
الصمتُ . . جدارٌ مُعتقلٌ بين صخرةٍ وسقف

الأَبوابُ جدرانٌ متحركة
الأَسرارُ جدرانُ النفْسِ
البحارُ جدرانُ البلاد

يَقُولُ - في عِتابِهِ - الجدارُ :
المساميرُ تُوجِعُني !
المرايا تَكاثُرٌ غيرُ شرعيٍّ للأَشياء
اللوحاتُ كائناتٌ طُفيليَّةٌ كسيحة
النوافذُ طَعناتٌ من الخلف
الستائرُ وَهْمٌ يُثيرُ سُخريةَ الشمسِ وَفُضولَ العابرين
الأَنوارُ تُشاغِبُ التعاقُبَ
أَسلاكُها تَنخَرُ هَيكلي العظميَّ

كُلَّما ضاقَت الأَرضُ . . يَتَّسعُ الجدار
يُعيدُ إِلينا ما أَذبْنا عليْهِ مِنْ أَقلامِ الرصاص . .
وما اختلسْنا خَلفَهُ مِن القُبلات  
يُعيدُ النظراتِ التي تَجاوزتْهُ يومًا . .
وعادتْ إِليهِ خائِبةً باكية
يُعيدُ الأَحلامَ التي تسلَّلتْ عَبرَ شُقوقِهِ
وخانَتْها . . الوعود
يَقبلُ اعتذارَ المساميرِ
يَتركُ قُربَ نافذتِهِ رُقعةً لِظهورِنا وَرؤوسِنا
تكفي . .
لِمُمارسةِ التأَمُّلِ . . والذهولِ
وَتَفْريغِ التَعَبْ . . !  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق