صمت
الصمتُ . . سُخريةُ الأرضِ من جنونِ الفصول
من تعاقبِ الأشياءِ فوقها
واختلافِ الإطاراتِ
وكَثرةِ الشائعاتِ
وألوان الشجر
والصمتُ . . امتناعُها عن البوحِ
بذكرياتِ الميتين
وما تَغزلُ الجذورُ فيها من شِباك
أَلأجلكِ اشتعلتْ كل هذه النجومُ
أَيتها الكرةُ التائهة ؟
ما حصتي من ضياعِكِ؟
ما نصيبي من حزنك السرمديِّ ؟
منْ يَرثُني فيكِ ؟
وماذا ستورِّثني هذي الخطايا
التي وضعتْ أوزارَها في طريقي
حين أَخذني النعاسُ . .
وغلفني البردُ . .
ومرّ بِيَ العمرُ على غفلةٍ من السحبِ
التي نسيتْ جذوري حين أمطرتْ ؟
يا حُزنَ السماءِ حينَ تعودُ إليها الطيورُ
جائعةً من الأَرض !!
لا مأوى من الشمسِ فوق الغيومِ
ولا وعاءَ للماء !
يا مطرًا يؤجِّلهُ الجفافُ
يقتلُ فيهِ انتظاري . .
وصمتي . .
وبعضَ الحمامِ . .
وسنبلةً كانتْ ستكبرُ
قربَ كيسِ الطحينِ
الذي داهمتْهُ القبورُ
وأفرغَهُ الجوعُ والاحتراق
يا عودةَ السماءِ إلى لونِها
بعدَ بكاءِ الشتاءِ وصمتِ الكواكبِ
وموتِ البلادِ بحضنِ المخاوفِ
والأُحجيات
مَنْ يرثُ البرقَ حين تموتُ
الرعودُ
ويَسقط المطرُ بصمتٍ على أسئلةِ النباتاتِ
وأَحلام الميتين ؟
في الصمتِ تبوحُ العيونُ بما يحملُ الوقتُ من ذاكرة
وما يُوجعُ الانتظارَ من خيبةِ العمر
وفي الصمتِ يَخضعُ البحرُ لرغبةِ الموجِ بالانتحارِ
وحنكةِ شريعةِ الغابِ في الاختفاءِ
بين جمالِ الصخورِ ولونِ السمك
من يسألُ الذاهبينَ كيفَ يكونُ الوداعُ . .
على شُرفةِ الموجِ صامتًا كالصدف
باكيًا كالندى
حائرًا . . كالخريف ؟
من يعزفُ اللحنَ قربَ النهاياتِ
لو صمتتْ في آخر الليلِ قيثارةُ الليل ؟
صمتُكَ أَيها النايُ . . دوَّى !
أرّقَ جوعَ النباتاتِ لقطرِ الندى
وأرّقَ موتَ الفراشاتِ . . حُزنًا على الشرنقة
سَيِّدَ الوقتِ . . أَيُّها الصمتُ
لا لونَ لي في حضرتك
ولا مكانَ . . لهذي القصيدة !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق