1.5.13

خرافة على الطريق


خُـرافـةٌ عَلى الـطَريـقْ


قَـبـلَ أَن تَـكـتـشـفَـنـي المسافـةُ . .
لم أَكن نُــقـطـةً مُـلـقـاةً على حرفِ هجاءٍ  
لكي أَختبرَ قُـدرتَـهُ على الصبرِ . . أَو الـغـناء
ولا قِـصَّـةً تَـبـحَثُ عن شُخـوصٍ
يَـمـنـحونَ فَـصلَـهَا الأَخيرَ دهـشـةً
تَـحميها مِن عُـلُـوِّ الرُفـوفِ . . وسُـرعَـةِ النسيان

كُـنـتُ الـخُـرافَـةَ التي ابـتَـدعَـها أَبـي
لكي يُـبَـدِّدَ وِحـدتَـهُ مع الفَـقـرِ
وَيُـوهِـمَ أَحـفـادَهُ . . بِأَنَّـهم لـيسوا خِـدعَـةً بَـصَـريَّـةً
وبِـأَنَّــني . . لستُ مُـجَـرَّدَ اكـتشافٍ خائِـبٍ
لِـمسافَـةٍ تَـحـتـاجُ نُـقـطَـةً ثـانـيـةً . . لكي تَـكتمل
فَـيـعـتـقـدونَ بِـانـتـسابِـهم إِلى أُمـنـيـةٍ . .
لم يُـفصِح الكونُ عـنـها
قـبـلَ أَن يَـسـتـريـحَ على جُـثـث الـهواءِ
تـاركـًـا عُـمـرَهُ ، وتَـفـاصيلَ مَـوتِـهِ . . لِـلمَجـرَّات

كُـنـتُ الجـنـيـنَ الذي لم يَـلحَـق بِـصـرخَـتِـهِ الأُولى
وقـد وَدَّعَــها على نُـقـطـةِ الـبَـدءِ . .
فَلم يَـتـعـلَّم لُــغَــةَ المسافات
أَخـفـى بينَ السطورِ بَـقِـيَّـةَ الصرخاتِ . .
لكي يُـبـقـي الـخُـرافَـةَ مُلائِـمَـةً
لِـهُـدوءِ الـعـجـائِـزِ . . وَبـراعَـةِ الشُـعـراء

في المسافَـةِ الـتي اتَّـخَـذتْـنـي نُـقـطـةً للانـتـهـاءِ . .   
تَـخـافُ الـتـضـاريسُ من الـفُـصولِ . . والـطُـرُق 
يَـتـوهُ عن هُـوِيَّـتِـهِ الـوقـتُ كُلَّـما داهَـمَـهُ الـمُـؤَذِّنُ  
أَو أَصـابَـتْـهُ - في مَـقـتـلٍ - غَـمـامَـةٌ طائِـشة    
يَـخـتَـلِسُ الـهـواءُ مـا تَـتـبـادَلُ الرئـاتُ من الأَنـيـنِ
يُـردِّدُ الصدى ما نَـتمـنَّـى أَن نقولَ . . !
ثُـمَّ يَـمـوتُ بِـبُـطءٍ على أَطـرافِ الأَماكِن

هُناكَ . .
على مَـقـرُبَـةٍ من الـبُـعـدِ فـيما بَـيـنـنـا
يَـسـقُـطُ ظِـلُّ الـمسافَـةِ على سـيـرتـنا الـغـريـبـةِ  
حتى حين تموتُ الطرقُ التي تُـشتِّـتُ شَملَ التضاريسِ
وتَـتـنـازلُ عن أَسمائِـها  العـنـاويـنُ . .
لا نَـرِثُ من المكانِ سوى طـرفـيـهِ المُـتـعَـبـيْـنِ !     
فـأَنـا . .
الـخُـرافـةُ التي قَدَّمـهـا لأَحـفـادِهِ أَبـي  
حينَ زَوَّرَ صَفحةَ المواليدِ
لكي يَحمي طائِـراتِ الورقِ من الـيُـتمِ الذي يُـعـيـقُـها . .
عن مُناطَحةِ السحابِ . . وصُنعِ المسافات
وأَنـتِ . .
السُؤالُ الذي يُـحرِّرني من حاسَّةِ الوجودِ . .
يُخضعُ بَـقـيَّـةَ الحواسِّ إِلى قانونِ التلاشي . . ولَـذَّةِ الاختفاء
لا تـأْخُـذُهُ - على غَـفـلةٍ - إِجـابـةٌ ماكرة     
يَـظلُّ على الطرفِ الآخرِ من الـبُـعدِ علامةً للـتـعـجُّـبِ
كٌـلَّما غافَـلَ الأَرضَ عـودُ زنـبـقٍ بَـرِّيٍّ
وأَخرجَ من لـيـلِـهـا وردةً بيضاء ! 
    
لن يَـرثَ الكـونُ مـنَّـا سوى المسافـةِ الثكلى  
فنَـحنُ . .  
"لا شيئانِ" يـتـبـاعدانِ حين يـقـتـربـانِ من صيرورةٍ واهمة
قِصَّتانِ تَـئِـدانِ أَبطـالَـهُما على مسرحٍ غيرِ مرئِـيٍّ . . وغيرِ عَـبَثيٍّ
خُـرافـةٌ وسؤالٌ يـبحـثـانِ عن جَدَّةٍ من سُلالةِ الليلِ
تُـتـقـنُ فَـنَّ الـروايـةِ . . والـرثـاء
وَتَـذرفُ كُلَّ لـيـلـةٍ دمـعـتـيـنِ
فالـمسافـةُ ثُـنـائِـيَّـةُ الـطـبـعِ . .
لا تَـقـبـلُ الـقِسمَةَ على نُـقـطـةٍ واحـدة !     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق