1.5.13

الوصية


الوصية


غَدًا . .
حينَ تُعاتِبُني الحكاياتُ التي لَمْ أَعِشْها . . !
والمقاهي التي لَمْ أَبُحْ لَها . .
بِأَسرارِ وحدتي . . وتَفاصيلِ قِصَّتي . .
سَتَحْزَنُ السَماءُ يا حبيبتي
ستحزنُ السماء . . !

غَدًا . .
حينَ يَزورُني القمر . .
يُعيدُ لي بَقِيَّةَ الظِلِّ الذي نَسِيتُهُ
في عَتْمَةٍ على الجدار
يُعيدُ لي ظِلِّي الذي أَضَاعَني . .
لِأَنَّني بَقيتُ واقِفًا . . حين انكَسَر

غَدًا . .
حينَ تَبوحُ باسْمِكِ العروقُ
سَتُشفقُ الستائرُ التي لم تَفهم الأَنين
سَتَنْدمُ الشبابيكُ التي . .
لَمْ تَفْتَح الطريقَ للأَنْفاسِ والعيون
سَتُفْصِحُ الجُدرانُ عَن هوِيَّتي
وما هَمَسْتُ حين كُنْتُ صَامِتًا
أُراقبُ الدقائق . . وأَعشَقُ الزمان
وأَسْأَلُ النَوافِذَ المُلَوَّنة . .
عن موعدِ الشروق

غَدًا . .
حين يُلَمْلِمُ الليلُ آثارَ النعاسِ عن جبيني
تَغفو على أَنوارِها المدينةُ الذبيحة
يَموتُ فيها صمتُها الجريء
ويَخجلُ الضجيجُ من أَنيني . !

أَسمعُ الحياةَ تَقرعُ الطبول
وتَعبثُ الرياحُ في سكينةِ الوجع
في هدأَةِ الحارات
في أَرَقِ التلاميذِ
والعشاقِ
والفقراء
في لَمسَةِ الأُمِّ على جَبينِ الطفلِ . .
تَسحبُ الحُمَّى
في كُلِّ هذا . .
كُنْتُ أَسْمَعُ الهواء
ولا أرى سوى وقتٍ . .
يَمُرُّ في الظلامِ كالهواء    

غَدًا . .
حينَ تُشَيِّعُ النافذةُ السجينةُ جنازةَ النهار
سَتَسْتَحيلُ بَعْدَه - من شدة الصقيع -
لوحَةً سوداء

لا شَيءَ يا حبيبتي سينتهي . .
سوى النهار . . !
وما قُلنا مساءً قُربَ لحظةِ الغروب
هناكَ . .
بَعدَ غَدرِ الشمسِ والمقاعد
حَيثُ لم نَجدْ مَكانَنا . .
أَخافَنا الموجُ . . وَلَفَّـنا الظلام

لا شيءَ في هذا المدى سَيكشِفُ الأَسماء !
لا شيءَ يَعْرِفُني هنا . .
هذي الصباحاتُ التي تُطاردُ الظلال
لا تعرفُ الطريقَ نَحوَ غُربتي
لا تعرفُ المكان

غَدًا . .
تَجيئُني ابتسامتي
تَعودُ مِن طُفولتي . . من حارتي . .
إِلى شوارعِ المدينةِ العظيمة
تَقُول لي في لَحْظَة الوداع :
لا تَترك الأَشجارَ رهنًا قُربَ هذه الأَوجاع
لا تَتْرُك الساحاتِ هكذا . . بلا دموع
لا تَتْرُك الأَنينَ صامتًا كالقهر
لا تَترُك الدنيا . . لعابرةِ السبيل

غَدًا . .
حين أَترُكُ المكانَ يا حبيبتي . .
وَأَدخُلُ الزمان
لا تذبحي الوقتَ الذي سَيأْتي
حين تُفتَحُ النوافذُ ويهربُ الظلام
قولي فقط . . لِما يَمُرُّ من زمن
بِأَنَّني . .
عَتِبْتُ . . حين خَانَني المساء  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق